ا ف ب/
في حلب في شمال سورية, تعيش مجموعة من المسيحيين بحماية "الجيش السوري الحر" ويرسم أفرادها صورة مغايرة تماما للواقع الذي تنقله وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن فظاعات مرتكبة على ايدي جهاديين في حق الاقلية المسيحية في تلك البلاد.
وينتقد هؤلاء المحاولات التي يقوم بها نظام الرئيس السوري بشار الاسد وغيره لتصوير كل من يحارب لإسقاط النظام على أنه جهادي يسعى الى القضاء على كل من ليس مسلما متدينا متشددا.
وكان المسيحيون يشكلون نسبة عشرين الى ثلاثين في المئة من سكان مدينة حلب, فيما نسبة المسيحيين في كل سورية خمسة في المئة, الا ان الكثيرين منهم فروا من أعمال العنف التي اجتاحت المدينة منذ اكثر من سنة.
وبين المسيحيين الباقين, ستة يعيشون في دار مار الياس للعجزة الذي تأسس العام 1863 في حلب القديمة.
وتصل الى الدار يوميا اصوات المعارك الجارية على بعد مئات الامتار بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة.
ويرفض قاطنو المكان التسليم بمنطق العنف, مصرين على الحديث عن ذكريات أيام خلت كان المسيحيون والمسلمون يعيشون خلالها بسلام جنبا الى جنب.
وتقول جورجيت (71 عاما) "هناك أخبار كثيرة عن كيفية ملاحقة إسلاميين من القاعدة للمسيحيين والعلويين, هذا ليس صحيحا".
وكانت آخر هذه الاخبار التقارير عن اعتداءات على اديرة وكنائس في مدينة معلولا المسيحية في ريف دمشق, بعد دخول مقاتلي المعارضة اليها ليومين, ثم اضطرارهم الى الانسحاب مجددا بعد هجوم مضاد للجيش السوري.
وأكدت راهبات في دير مار تقلا في معلولا ان المسلحين لم يتعرضوا لهن او للدير, في حين قال سكان من معلولا ان المسلحين استهدفوا صليبا على احد الاديرة, واساؤوا الى بعض السكان.
وركز الاعلام الرسمي السوري على مدى ايام طويلة على حوادث معلولة, مقدما الجيش على انه حامي المسيحيين ومراكز العبادة فيها.
ودار مار الياس في حماية "لواء التوحيد" ومقاتلين آخرين من "الجيش السوري الحر".
وقال مايكل "كل يوم, يأتي رجال ابو عمار (قيادي في لواء التوحيد) ويسلموننا اكياسا من الخبز, وكل اسبوعين, يحضرون لنا الطحين والملح والارز والمعكرونة".
وأضاف "بفضلهم, يمكننا أن نتحرك بحرية في محيط حلب القديمة من دون خوف من الاسلاميين المتطرفين الذين يتواجدون في هذه المناطق".
وقالت جورجيت "ابو عمار ورجاله يسهرون علينا, اذا كانوا يريدون قتل المسيحيين, لماذا يحموننا?".
وعلى بعد بضعة ابنية من دار مار الياس, يوجد مركز ل¯"لواء التوحيد".
وقال ابو عمار الموجود في المركز "المسيحيون ليسوا اعداءنا, النبي محمد كان يحترم المسيحيين, ونحن كذلك, كنا نحترمهم قبل الحرب, وسنستمر في احترامهم بعدها".
وذكر ان قائد "لواء التوحيد" الحاج مارع (اللقب الذي يطلق على عبد القادر صالح, قائد ابرز مجموعة مقاتلة في حلب), امر رجاله بعد السيطرة على حلب القديمة, بحماية دار مار الياس.
وقال ان صالح "كان يعيش في هذا الجزء من المدينة, وطلب منا أن نعاملهم وكأنهم افراد من عائلاتنا".
بدوره, قال الشيخ أبو محمد الذي يرافق المقاتلين إن أي خوف يشعر به المسيحيون سببه النظام الذي "يضخم قصصا عن فظاعات ضدهم ليحظى بدعمهم, لن نؤذي اي مسيحي بتاتا, نحن كلنا اخوة".
وأقر أبو محمد بأن بعض الجهاديين قتلوا مسيحيين, إلا انه يعبر عن سخطه مما يعتبره سوء فهم غربي لما يجري.
وقال "يعتقدون, انه لمجرد اننا نطلق لحانا ونصلي, فنحن متعصبون ومتطرفون, يفترض بهم ان يدركوا ان الاسلام يبشر بالسلام والاحترام".
ورغم ان مسيحيي دار مار الياس مقتنعون بصحة موقفهم, الا انهم يبقون حذرين لجهة المستقبل.
وأعربت سارب ماكاريان, زوجة مايكل, عن أملها "بالا تتحول سورية الى عراق آخر حيث تصبح الكراهية هي القاعدة", ما تسبب بمغادرة عدد كبير من المسيحين البلاد "خوفا من الاضطهاد".
الا ان زوجها يتمسك بالبقاء قائلا "لن اترك منزلي لأي سبب, اذا اتى عناصر القاعدة الى هنا وهددوا بقتلي, فالأفضل لهم ان ينفذوا تهديدهم, لأنني لن أخرج من هنا الا جثة هامدة".