اور نيوز
تقلبات الحياة
وصعوباتها وسط الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد
جعلت من خلود وهي فتاة في العقد الثاني من عمرها، تبحث عن فرصتها في العمل لتعيل
والدها الضرير وإخوتها الخمسة، في منظمة مدنية رفعت شعار كفالة الأيتام ورعاية الأرامل،
حيث غرر بها بالمرتب العالي بسبب حاجتها إلى المال من أجل توفير لقمة العيش.
قصة خولة
تسرد خولة حكايتها
فتقول: بعد عام 2003 وتحديداً بعد أن فقد والدي بصره وعدم قدرته على النظر، لم أجد
وسيلة سوى العمل في عدة أماكن، حتى اتصلت واحدة من صديقاتي التي أكدت لي بأنها وجدت
لي عمل كمنظفة في أحدى منظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن المرتب العالي كان حافزاً
لي للعمل معهم، حتى اكتشفت مع مرور الوقت بأنها تجند النساء لعمل الرذيلة، فتحول مسار
حياتي وأصبحت مطالبة بجلب نساء أميات بحجة تعليمهن المهن الحرفية ومساعدتهن مادياً،
حتى أكتشفت أسرتي طبيعة عملي، فهربت خوفاً من القتل.
تتسول الزبائن
خولة في العقد
الثاني من عمرها، تجد نفسها الآن ضائعة بين سواق (الكيا) في (الكراجات) مرائب السيارات
العامة، تقوم بتوزيع رقم هاتفها النقال على السواق وغيرهم ليتصلوا بها بصفة دلالة توفر
لهم نساء في المنزل الذي تمارس فيه الدعارة، مؤكدة بأنها واحدة من عشرات النساء التي
استخدمها أصحاب الأموال من أجل ملذاتهم وتحقيق أهدافهم. تقول: كنت مجبرة على مسايرة
العائلة التي آوتني من التشرد والضياع رغم علمي بأنها تمارس الرذيلة وخوفاً من لظى
نار الشارع المستعر مارست مهنة جلب الزبائن لها. وانغمست في لذة أدرك أنها ستزول. ولكن
ما العمل بعد أن فقدت كل شيء عائلتي وسمعتي.
خوله فتاة مطيعة
ما الذي يجعل الفتاة
تمتهن هكذا مهنة غير العوز والفقر والتشرد فهي في قرار نفسها لم تبتغي هكذا عمل ولكنها
مجبرة من أجل البقاء.رشيد خضير في العقد الثالث من عمره ويعمل سائق سيارة أجرة يقول:
وجدت في خولة فتاة مطيعة جربتها لأكثر من مرة واكتشفت بأنها أمينة على حياتي، لذا لم
أتردد لحظة في رفض دعوتها لي عندما كانت تتسول الزبائن في (الكراجات العامة) وخصوصاً
سواق (الكيا ).
بينما يؤكد محسن
فرج في العقد الثاني من عمره ويعمل هو الآخر سائق، الأمر ذاته حينما يتعلق الأمر بدعوة
خولة لأحدى البيوت التي تملكها العائلة التي تستخدمها لهذا العمل وكنت كريماً معها
حينما أراها وداخلي يغلي أي ذنب ارتكبته هذه الفتاة ليؤل أمرها إلى هذا الحال.
غياب الجانب المؤسساتي
التربوي
أحمد سالم
المعيني وباحث في علم النفس يرى عدم توفر إحصائيات دقيقة حول النساء
اللواتي يتسولن
في الشوارع كعنوان ظاهري يجعل معاجلة هذه الظاهرة
متعثرة والتي تعكس آثارها على طبيعة المجتمع وترابطه الاجتماعي، وكما لا
نغفل الدور
المؤسساتي في استيعاب الكم من النساء اللواتي يتسولن بمفهوم التسول الذي
تحول لحرفة
ومهنة تزاولها الكثير ممن واجهتن صعوبات الحياة وتحولت فيما بعد لمنظومة
تنشر الفساد
والرذيلة في جسد المجتمع ويؤكد المعيني بأن غياب النظرة الإعلامية والبرامج
التثقيفية لبعض المؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة ساهمت في
نشر جيش من النساء المتسولات .
في المقابل أشرت
منال مرتضى – ناشطة بحقوق المرأة واقع بعض الجهات الوهمية التي اتخذت مسميات المنظمات
المدنية غطاء لممارسة أفعالها المشينة، لافتة إلى أهمية مراقبة ومتابعة سلوك كافة المنظمات
المدنية، حتى لا يقع المواطن فريسة سهلة لتحقيق أجنداتهم المريبة.
وترى مرتضى أن
قضية تسول الفتيات في الشوارع قضية خطيرة، فمن دون شك ستستغل هذه الفتاة لأمور أخرى
من قبل الكثير من العصابات المنظمة، وهنا يأتي دور الجهات المعنية في إيجاد الحلول
الجذرية لمثل هذه الظواهر.